{مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (54)}وقال تعالى: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} [56: 34].فوصف الفرش بكونها مبطنة بالإستبرق. وهذا يدل على أمرين.أحدهما: أن ظهائرها أعلى وأحسن من بطائنها. لأن بطائنها للأرض، وظهائرها للجمال والزينة والمباشرة.قال سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي هبيرة ابن مريم عن ابن مسعود في قوله: {بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} قال: هذه البطائن قد أخبرتم بها.فكيف بالظهائر؟ الثاني: يدل على أنها فرش عالية، لها سمك وحشو بين البطانة والظهارة وقد روي في سمكها وارتفاعها آثار- إن كانت محفوظة- فالمراد: ارتفاع محلها، كما رواه الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: «ارتفاعها كما بين السماء والأرض، ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام».قال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد.قيل: ومعناه: أن الارتفاع المذكور للدرجات والفرش عليها.قلت: رشدين بن سعد عنده مناكير.قال الدارقطني: ليس بالقوى.وقال أحمد: لا يبالي عمن يروي. وليس به بأس في الرقاق. وقال: أرجو أنه صالح الحديث.وقال يحي بن معين: ليس بشيء.وقال أبو زرعة: ضعيف.وقال الجوزجاني: عنده مناكير. لا ريب أنه كان سيء الحفظ.فلا يعتمد على ما ينفرد به.وقال ابن وهب: حدثنا عمرو بن الحارث عن درّاج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: «ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض».وهذا أشبه أن يكون هو المحفوظ. فاللّه أعلم.وقال الطبراني: حدثنا المقدام بن داوود حدثنا أسد بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن مطرّف بن عبد اللّه بن الشّخّير عن كعب في قوله عز وجل: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: «مسيرة أربعين سنة» وقال الطبراني: حدثنا إبراهيم بن نائلة حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي حدثنا إسرائيل عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة قال: «سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن الفرش المرفوعة؟ فقال: لو طرح فراش من أعلاها لهوى إلى قرارها مائة خريف».وفي رفع هذا الحديث نظر. فقد قال ابن أبي الدنيا: حدثنا اسحق بن إسماعيل حدثنا معاذ بن هشام قال: وجدت في كتاب أبي عن القاسم عن أبي أمامة في قوله عز وجل: {وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ} قال: «لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها بعد أربعين خريفا».